إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
تفسير سورة الكهف
38624 مشاهدة print word pdf
line-top
اصطحاب موسى ليوشع بن نون معه في رحلته

فعند ذلك طلب من فتاه وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ذكر أن فتاه: هو يوشع بن نون وقيل: إنه غيره؛ وذلك لأن يوشع بن نون كان من جملة من أوحي إليه، أو من جملة من شرف بالعلم، فهو من أهل العلم، ومن أهل المكانة، ومن أهل الشرف، ولكن لا مانع من أن يصحب موسى ؛ ليتزود من العلم من علم موسى ومن علم الخضر كما يتزود موسى وإذا كان غيره، فيكون غلاما لموسى ولذلك سماه الله فتى، والفتى: هو الشاب، أي: الشاب الذي يخدمه لِفَتَاهُ أي: لغلامه الذي لا يزال في سن الشباب.
فلما عزم على أن يسافر، قال: لَا أَبْرَحُ أي: لا أبرح أسير.
حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ وكأن مجمع البحرين موضع محدد معروف عندهم، وجهته محددة.
ثم قال: أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا يعني: أو أسير على قدمي، أو أسير على هذه الراحلة حُقُبًا يعني: دهرا طويلا، وفسر الحقب: بأنه مائة عام، وقيل: ثمانون عاما، والصحيح: أنه دهر طويل، قد حدده بعضهم: بأنه ألف سنة، وقد ذكر جمعه في سورة عم في قوله في أهل النار: لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا أي: جمع حقب. فعزم على أن يسير ولو سار حقبا، حتى يصل إلى ذلك المكان، فسار هو وغلامه. قيل: إنهما ركبا حمارا، وقيل: ركبا جملا، وقيل: كانا راجلين، وقيل: إن هذا الحوت يتزودان منه، يأكلان منه لحما طريا، وقيل: يتزودان من غيره، وإنما جعل الحوت الذي يحملانه آية لانتهاء سيرهما.

line-bottom